الأحد، 2 أكتوبر 2011

عالم آخر !!!


كالعادة تهرب مني الكلمات حين أريدها .
 فتتلاشى المشاعر التي سكنت خيالاتي ، وتضيع قبل أن أطبعها كـ قبلة على أوراقي .
 تعودتُ هذا منها منذ عرفتها  ، منذ كان حزني في ربيعه الأول فينهشني  كـ وحش كاسر .
لا أشعر إلا بتلك الشلالات القاسية التي تسقط على روحي مندفعة ، فتجعلني فتات محطم .
وبعد محاولات عديدة كي أنهض من غيبوبتي ، تستلمني الدموع ودون رحمة تعصرني ،
وكأن كل جسدي أصبح كتلة واحدة . تلفني الأوجاع من كل اتجاه .
وأصل إلى مرحلة الهذيان ، فلا أميز عباءة الليل السوداء من أقنعة النهار التنكرية .
و الضياع يغرز مخالبه في أحشائي بقوة .كأني في معركة شرسة بين الخير والشر .
وكأن الشر أنتصر وأصبح يمثل بجثتي . أصرخ لعل من هو قريب مني يسمعني .
ويسعف صوتي المذبوح . يمنحني أوكسجينا نقيا.
ولكن رئتاي لا تتنفس ، وربما أضربت عن العمل .
فهي عنيفة بعض الشيء ، ولا ترحم ألمي الجاثم على جسدي النحيل .
 معذورة هي ، لعل الجسد يحن لـقبره المحفور له منذ سنين .
 سحقا للحياة ! حين تمضي وتتركني تحت رحمة الانتظار.
لقد شاختْ نبضات قلبي وبدأتْ تنبض برفق وأنا كالبلهاء في غيبوبة طويلة .
وأوردتي أصبحت منحنية ذابلة كـ أسلاك الكهرباء في فصل الصيف ،
وكأنها مزروعة في صحراء ، وليس في جسد إنسان أغلبه ماء .
ربما تماديتُ في الوصف وحشوت قلمي أنينا.
فقد أهلكه السعال و التقيء على أوراقي التي بلغت الشيخوخة مبكرا .
تناسيتُ أن أعمار الأقلام محدودة فهي ليست طويلة الأجل .
فإذا لم تمتْ ، سوف ينمو العفن على مدادها .
وتصبح عليلة تحتاج إلى الكثير من المضادات الحيوية كي تستمر في الحياة ،
وتواصل قدرها الكتابي .
 يبدو أني تلقيت صدمة قوية هذا المساء ، جعلتني أدخل في دهاليز موحشة .
أو أن الحمى قد ارتفعت قليلا لتصل إلى أربعين درجة مئوية .
يا لها من سخرية ، أني مازلتُ على قيد الحياة .
متى يبدأ العد التنازلي؟ وتنتهي حياتي كباقي البشر الذين رحلوا .
استغفر الله !!!! يبدو أن الحمى بدأت تلعب لعبتها .
وبدأت أهذي بالجنون .
الجنووووووووون ، فرصة أن أجربه وأنا على مشارف الرحيل .
رغم أني لم أشعر أني عاقلة يوما ما . ونوباته تنتابني بين فترة وأخرى .
 لا أدري لما اجعل من نفسي أضحوكة وأنا على سرير الموت ؟.
ولكن تلك اللحظات لا تفارق  مخيلتي أبدا .
رغم أن النسيان قد ألتهم كل ذاكرتي ،،، إلا منها .
كفى سخرية يا أنا .
علي أن أودع الحياة بشيء يليق بي كإنسانة دخلت أبواب التاريخ من خلال أنثى ضعيفة .
 تحاول أن ترمم بقايا روحها ، كي تشعر بالقوة ولو مرة واحدة في حياتها .
 ربما علي أن لا أكتب عن نقاط ضعفي حتى لا تُذكر في تاريخي الرقيق ،
 المعطر بـ شموع الحب البنفسجي .
( شموع الحب ) ،،، نعم هي خلطة عطرية اشتريتها حين كنتُ جميلة .
يبدو أن الهذيان تضاعف وتناسل بين كلماتي .
 هو القدر يا أنا ، حين يكون الفيصل بين قمة الفرح وبين قمة الحزن .
أشعر أن ذراعي ترفع من قبل شخص ما ولكني لا ألمحه ،وإن كنت أشعر به .
فالحمى قاسية وتحجب عني النظر .
أري بياضا في بياض أيعقل أني مت ؟ وهذا كفني يلف حولي .
ولكني لم أنطق بالشهادتين بعد ، ولم أودع من أظنه يحبني .
 فشعرت بشيء يضغط على ذراعي وينتفخ .
حاولت النظر بقوة حتى رأيتُ الممرضة بصعوبة بالغة، وهي تقيس ضغطي المسكين.
لا بأس مازلتُ على قيد الحياة .ومازلتُ قادرة على البكاء حتى الصباح .
سوف أحاول أن أجمع رؤوس حروفي بالحلال ، وأقيم عرائسها على السطور.
وإن فضلتْ بعضها أن تبقى عزباء لفترات طويلة،فهذا شأنها فلا إكراه لرغبتها .
مرت على غيبوبتي ساعتين .وأنا في عالم آخر.
فخافتْ أوراقي الحمقاء  أن تقيم لي بيت عزاء ، يكلفها أحزانا ودموعا .
فلزمتْ الصمت ، حتى تأكدتْ أن ساعة الخطر قد مرتْ.

هناك تعليق واحد:

  1. أحيانا نحتاج لنكتب مرثية في حال ضعفنا
    مرثية تليق بأنفسنا
    بأرواحنا
    بمن حولنا
    بثوب الحزن الذي يغشانا
    ببتلات السعادة التي تزورنا
    بزهر الروض
    بالحياة
    بكل شيء لمسناه
    فقط
    كي لا نرحل بصمت كالآخرين
    لذا
    فلنضنع ضجيجا عذبا يخلدنا لأمد



    حمدا لله على سلامتك
    قد يمرض الكاتب ولكن لا تمرض حروفه

    ردحذف